عدد الرسائل : 185 اعلام دول : مزاجي : تاريخ التسجيل : 25/12/2008
موضوع: النحت على رمال البحر - قرائة نقدية الأربعاء ديسمبر 31, 2008 12:51 pm
النحت على الرمال مفاجأة مهرجان الدوخلة بسنابس 1429 هـ : إشراف الفنان : عبد العظيم الضامن
أقيم في مهرجان الدوخلة بمدينة سنابس بمحافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية أول تجربة نحتية على رمال البحر في منطقة الخليج العربي ، ويضم المهرجان الذي يتزامن مع عيد الأضحى المبارك العديد من الفعاليات الفنية والتراثية والمسرحية ، وقد شهد المهرجان هذا العام حضوراً لافتاً من الجمهور من مختلف مناطق المملكة ، وكان الحدث الأبرز بشهادة الجميع هو تجربة النحت على الرمال التي استقطبت الجمهور حولها ، فقد حول الفنانين كومة الرمل إلى منحوتات في غاية الأهمية ، من حيث الدقة والتعبير والمعالجة النحتية السلسة ، وكونها لأول مرة تقام بهذا المستوى ، فقد كانت التجربة مثيرة للجميع ، للفنانين وللجمهور . نجوم هذا المهرجان : عبدالخالق اسماعيل وسعيد الجيراني وصلاح الناصري وعلي الحسن وعبد الله عمران وعقيل حكروه ومحمد اليعقوب . الفن جزء لا يتجزأ من تاريخ الإنسان وثقافته وتراثه ، ولعلنا نجد في العديد من المتاحف العالمية مدى أهمية الفنون في حفظ التاريخ ، وفي قديم الزمان قبل معرفة الإنسان العديد من الأدوات المساندة للعمل الفني أو النفعي ، كان يعتمد على مكنوزات الأرض ، مثل الحجر والخشب والحديد ، ليرسم بها خرائطه وحاجاته ، لقد أفرزت الحاجة للنحت على الحجر في الزمان الماضي على الكهوف والمغارات وسفوح الجبال وكذلك المنحوتات الصخرية كما نجدها في العديد من المتاحف للدلالة على فترة من الحقب الزمكانية ، والنحت من هذه الفنون التي عرفت منذ قديم الزمان للحاجة الماسة لمظاهر الحياة العامة ، وفي العصور القديمة استخدم الإنسان البدائي كافة أنواع النحت بغــية منه في تحقيق المتطلبات اليومية ، وتطور النحت ليكون من مظاهر القيم الجمالية لا النفعية ، فمن خلال الآثار المكتشفة في الجزيرة العربية ( مثالاً ) تدل على وجود العمل النحتي منذ فجر التاريخ ، وفي جزيرة تاروت تحديداً عثر على العديد من الأعمال النحتية والتي أشهرها تمثال آلهة عشتار الذي يحتفظ به في متحف الرياض ( متحف الملك عبد العزيز التاريخي ) وكذلك العديد من الأعمال المكتشفة في الأماكن التاريخية في الأماكن التاريخية المنتشرة في المملكة ، من هنا يتأكد أن المملكة تتفاعل إيجابياً مع حضارات العالم ، حضارة عشتار وحضارة الفينيقيين وغيرها من الحضارات التي شكلت صورة وجوده الحضاري في المملكة ، ولاشك أن الفنان السعودي قد وقف كثيراً عند هذه الحضارة وتأملها ، ونهل من معطياتها ، وفي هذا المهرجان قدم الفنانين علي الحسن وصلاح الناصري وعبدالله عمران ومحمد اليعقوب وعقيل حكروه وعبد الخالق اسماعيل وسعيد الجيراني منحوتات في غاية الأهمية ، حيث كانت تجربة العام الماضي محرضة لوجود أسماء جديدة وأعمال جديرة بالإهتمام ، وبعد التجربة الأولى زاد الحماس لتقديم الأفضل في المهرجان الحالي ، مما أعطى الجمهور إحساس بالقيم الجمالية وكذلك العديد من المسؤلين والمهتمين والإعلاميين بأهمية إبراز الحدث بالشكل اللائق ، وكذلك الفنانين أنفسهم اللذين أبدعوا بدعم الجمهور الذي رحب كثيراً بالمستوى الجميل للأعمال . وتعتبر تجربة الفنان علي الحسن من محافظة الأحساء من أبرز التجارب المحلية في معطياتها الفنية ، وجرأته في الطرح ، وقد تناول العديد من الأعمال في تجارب سابقة عبثية في تجمعات شبابية في العقير ، منها ماهو مجرد ومنها ما هو واقعي بروح عصرية ، يمتزج فيها الفرح والألم ، والحلم والواقع ، والرمزية والتجريد ، ويتفرد الفنان علي الحسن بالريادة في إبداعاته الفنية التي يتضمنها شحنات من التعبير الانفعالي من خلال إيقاعات رمزية متدفقة ، وقد اشترك معه في تنفيذ العمل الفنان عبد الله عمران ليبدعوا منحوتة في غاية الأهمية ، لما يمتلكاه من مقدرة عالية في الأداء الفني ، أما الفنان سعيد الجيراني وعبد الخالق اسماعيل فقد كانا مفاجأة مهرجان الدوخلة لهذا العام ، عمل في غاية الأهمية ،منحوتة شبه واقعية ، بها رمزية جميلة لمهرجان الدوخلة حيث تميز بقوة في التشريح محاولة منهما في إبهار المشاهد بقوة العمل ، أما الفنان صلاح الناصري فقد كان مميزاً كعادته ، فنان يبحث عن الإبهار في العمل الفني ، مجد ، مثابر ، مخلص لعمله ، شجعه في ذلك تجربته العام الماضي ، وبحثه المستمر في خفايا وأسرار النحت على الرمال ، أما الفنان عقيل حكروه فقد تميز بمنحوتة رائعة ، إمرأة مسنة تبحث عن ماضيها في الدوخلة ، فوجدته في عمل الفنان عقيل حكروه ، وكذلك الحال للفنان محمد اليعقوب الذي جسد قلعة تاروت محاولة منه الإستفادة من تجترب الفنانين لصقل موهبته . ويبقى مهرجان الدوخلة بسنابس له الفخر في أن تكون أول انطلاقة للنحت على الرمال من خلاله ، كما كان أول خطوة لمشروع أطول لوحة في العالم التي بدأت العام الماضي 1427 هـ وتواصلت مع العالم في لندن وتونس وقطر والجوف والباحة والدوادمي والكويت والأحساء . مودتي الصادقة